نصف واقع ونصف خيال
رُفِعت أقلامهم ولكن لم يجفّ حبر قلمي وعجز عن التزحزح عن مكانه. وقف
متسمّرًا، عاجزًا عن الكتابة وغير قادر على رفع نفسه في نفس الوقت. صمَت الجميع
إلا أنا، ظلت كلماتي تتردد في جو الغرفة، لا أستطيع إرغامها على السكوت ولا أستطيع
منع نفسي من التفكير.
أهرب إلى مكانٍ آخر، أنفض الكلمات عني. أستنشق هواءً مليئًا بالصمت، فراغات
معبأة باللاشيء. أتمنى في لحظة ما أن أكون ذلك الشخص الذي رأيته وأنا في طريقي إلى
فكرة تترامى تفاصيلها المرهقة على أطراف ذاكرتي، أتمنى أن أكون ذلك الشخص الذي
يسير وفي أذنيه نغمات من الموسيقى التي تبعث له أفكار مؤلفيها، فيرحل من عالمه
الثقيل المرهق إلى عالمٍ لا هو في الخيال ولا هو واقعي، نصف واقع ونصف خيال، أو
العكس.
أتمنى أن أكون وألا أكون، أن أصبح إنسانًا بلا قيمة في أفكاره وبلا معنى في
كلماته. أريد أن أترك المعاني ولو في فكرة واحدة (والفكرة بلا معنى بالتأكيد لن
تكون فكرة) وأتحدث بما يفيض به قلبي وعقلي من الفراغ السحيق، حتى أتنفس الصعداء
وأبدأ مرة أخرى طريقًا جديدًا كما لو كنت
بُعِثتُ من جديد.
لأموت من جديد؟
أيبعث المرء إذن من الموت إلى الموت ويعيش للموت؟
إذن أعطِني فكرة..