كي تبدأ القصة


on , ,

2 comments

كي تبدأ القصة

أحيانًا يتملكني شعور مبهم بوجودك هنا في مكانٍ ما قريب، قريب من ظلّي حتى تلامست ظلالنا معًا، أو على مقربة إلى حدّ أنّ هالة أحدنا قد تلاشت في لحظة ما وأصبحنا في هالة واحدة، قد تكون هذه اللحظة هي الثانية التي خفق فيها قلبي فجأة ولم أعرف له سببًا، فشتّت أفكاري ولكنه ما لبث أن تركني لأكمل ما يشغلني. قد تكون أنت ذلك النبض الذي رفض أن يمكث كي لا يقطعني عمّا أحب، حتى يأتي زمنٌ ستقطعني أنت فيه عن كل شيء وتصبح أنت "من" أحب. ولكن متى؟
لا أعلم
قد يكون هذا أيضًا لحظةً تقابلنا فيها في يومٍ ما حين ذهبت لأحتسي شايًا على عجلة قبل موعد عملي، فلم ألحظ منك إلا عطرًا ظلّ عبقُه في أنفي طيلة يومٍ كامل ولم أعرف له صاحبًا. أو قد تكون مررت بجانبي في شارع ضيق وسمعت صوتك وأنت منشغل بالتحدث في هاتفك وغير عابئ بما قد تخبئُه لحظة كتلك التي لمحتني فيها.
أو قد يكون كل هذا محض خيال بداخل رأسي ليس له وجود، أو رغبة بائسة بالحديث إليك عن بُعد قبل أي لقاء لنا.
قد لا ألتقي بك أبدًا قبل اللقاء الأول صدفة في طريقٍ ما وقد لا نعبر نفس الطرق أبدًا قبل ذلك، لتكون أنت من بلدٍ آخر أو يكون أحدنا بلا وطنٍ أصلًا. المهم أن يكون كل هذا، المهم أن يكون.
لا يهمّ إن قرأت هذا فيما بعد وتخيلتني وجهًا آخر أو فكرة أخرى، لا يهم إن لم تزر الأماكن نفسها التي زرتُها أنا ولا المقاهي التي اعتدت أن أحتسي فيها مشروبي في هدوء، ولا حتى المكتبات التي مكثت فيها ساعات أبحث عن كتاب ما أو أقرأ في أماكنها المخصصة للقراءة بعد أن عجزت عن ترك فصلٍ ما في منتصفه. لا يهم. 
المهم أن نذهب في يومٍ ما لهذه الأماكن معًا وأحكي لك كيف تخيلتك وأنت جالسٌ على مقعد قريبٍ مني تقرأ كتابًا ما لم أفهم حتى عنوانه، كيف وجدتُ لغز العنوان دليلًا إليك. وكيف رأيتك تشرب قهوة تركية شممت رائحتها من مكاني وتساءلتُ عمّن يشرب مثل هذه القهوة في هذا الوقت من اليوم، بل وربما سخرت من ذوقك، فأنا لا أحب القهوة. 
المهم أن أُعيد كل ما حدث في مخيلتي لأضعه في مكانه الصحيح خارج دائرة الذي لم يحدث قط، داخل دائرة أخرى في الواقع. والمهم أن تستمع إليّ وإلى حماقاتي وسخافات أحلامي أحيانًا التي قد تبدو كطفلة تبكي حتى بعد أن حصلت على ما تحب.
المهم أن نأتي إلى حيث أردنا.
 والمهم أن نلتقي. كي تبدأ القصة.


2 comments

Leave a Reply

Just say it.