تيه
بُحتُ لكَ بما لم أبُح بهِ لنفسي من قبل، فوجدتُ
في ما لم أجده ولا أرهُ أبدًا، وكأنني عشت طوال هذا العمر في جسد لا هو لي ولا
منّي، وكأنني المنفيّ في جسدٍ لم أعرفه من قبل. ثم رأيت على وجهك تعبيراتٍ غريبة
عليّ وكأن ما بداخلي قد أعطى انعكاسه على وجهك وشفتيك اللتان قد ضممتهما فوق بعضٍ
ورفضتَ الحديث عنّي، عن تلك التي رأيتها بداخلي ولم أرها أنا بنفسي.
ثم تساءلتُ وسألتُ نفسي ثم سألتُك "هل
يُعقل أن تبوح لأحدٍ بأمور لم تكن أنت تعلمها وهي بداخلك؟ هل لك أن تنظر إلى شخصٍ
فتعلم في حينها أنك ستتفوّه بعبارات ومعانٍ لم تعملها في نفسك من قبل؟"
ثم آملُ ألا تجيبني إجابة فيها كلمة
"حب" إذ إني سئمتُ ابتذال الكلمة. أنتظر إجابة تُعجِزني عن الحديث
فلا يوجد ما أبوح لك به وما أبوح به لنفسي.
ولكنني لا أجِدُ منكَ إلا الصمت السحيق، الصمت
الأبديّ الذي يحرقني ويسحقني من الداخل فأرى وجهك يتغيّر فيه التعبير من ألم إلى
أنين إلى انهيار في لمح البصر.
فأرحل وأمضي، علّني أجد غير الصمت المفجع. علّني
أعالج صمتي بصمت الآخرين. يومًا ما.